تعديل الحذاء المقلوب



يصر كثيرا من الصوماليين على عدل الحذاء عندما يكون مقلوبا ، بل قد يغضب عليك أحدهم إن مررت على حذاء مقلوب ولم تعدله وقد يتهمك بالعمي ، ويعتقد كثيرا من الناس أن عدل الحذاء المقلوب هو عمل تثاب عليه وإن لم تفعله قد تنالك العقوبة من الله.
وفي الحقيقة هذة الثقافة ولدت معنا ولم نسأل عنها وعن صحة هذةالعادة السائدة بين الناس وأنا كنت واحد منهم وذلك لواحد من هذين السببين
1.    أنه يعتقد الشخص ان الشرع الحنيف يوجب تعديل الحذاء لأن وجه الحذاء يكون مقلوباً إلى السماء حيث يوجد الله تعالى ، وهذا طبعا لا أساس له من الصحة في الدين الإسلامي وهو من المبالغات التي لا أصل لها.
2.    أن قلب الحذاء يجلب الحظ السيء وهذا تشاؤم لا أصل له كذلك.
فإنه لم يرد في السنة المطهرة فيما أعلم ما يدل على استحباب قلب النعل المقلوب أو ما يدل على كراهة تركه مقلوباً, ولم أقف نصا لواحد من اهل العلم الا  كلاما لابن عقيل الحنبلى فى الآداب الشرعية" (1 /268-269( وقد جعلها رحمه الله التشديد في ذلك من فعل الجهلة ، فقال رحمه الله :
" ويل لعالم لا يتقي الجهال بجهده ... والواحد منهم يحلف بالمصحف لأجل حبة ، ويضرب بالسيف من لقي بعصبيته ... والويل لمن رأوه أكب رغيفا على وجهه ، أو ترك نَعْلَهُ مقلوبةً ظهرُهَا إلى السماء " اهــــــــــــ
 
وما جرت به عادة الناس من الإسراع في تعديل النعال إن كانوا يفعلون ذلك خوفاً من وقوع مكروه ونحوه، فهذا لا يجوز لأنه تشاؤم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) أخرحه الترمذى فى سننه حديث رقم .1614 وأحمد في مسنده : 4171
وإن كانوا يفعلون ذلك تعظيماً للسماء لئلا يكون ظهر النعل إليها فهذا التعظيم لم يرد به الشرع ولو كان جعل ظهر النعل إلى السماء مكروهاً لجاءت به الشريعة.
وان كان هذا التعديل من باب الادب والعرف لا بأس بتغيير هيئة النعل لأن أسفله في الغالب يكون متسخاً ، فليس من الأدب أو الذوق أن يكون هو الأعلى وينظر الناس إليه .
ولأن قلب النعل فى العرف السائد عند الصوماليين تعبير عن الاهانة لأنك لو وجهت احدا نعلك مقلوبا يعتبرها اهانة واستخفافا كما فعله بعض اهل هذه المدينة حينما زارهم رئيس بعض الولايات الصومالية فى عام 2006 فخرجو الى الشوارع مستقبلين به رافعين حذائهم.

وقد سئل الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله :
يوجد بعضٌ من الناس يقولون بأنه عند وجود الحذاء مقلوباً رأساً على عقب بأن الملائكة لا تدخل هذا البيت أو أن الله لا ينظر إلى هذا البيت ، فماذا تقولون في هذا الأمر ؟
فأجاب : " نقول : هذا لا صحة له ، ولا أعلم في كون النعل مقلوبة بأساً ، لكن هذا أمرٌ شديدٌ عند الناس ، وقد يكون الأمر شديداً عند الناس ولا أصل له " انتهى .
"نور على الدرب" (13/65(
وسئل ايضا علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
بعض كبار السن يقولون : إن قلب الحذاء على ظهرها لا يجوز ، حيث إنها تقابل وجه الله ، فهل ذلك صحيح ؟  
فأجابوا : " قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة ؛ لأن أسفله مما يلي الأرض ، فيكون لابس الحذاء يطأ به على الأرض ، وقد يطأ به شيئا من الأقذار " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (26 /302-303(
وقد ذكر الشيخ سيف الطلال الوقيت أحد المواقف الطريفة في هذا الباب فى كتابه الشباب بين العادة والعبادة وقال (( حدثني أحد الشباب فقال : لقد رأيت نعلةً مقلوبةً في بئرٍ عميقة . فحزنت لذلك حزناً شديداً ثم أخذت أرمي النعلة بالحجارة حتى أعدلها . وأنا تارك للصلاة في ذلك الوقت . انظر لهذا الهم والحزن وهو تارك للصلاة.) أهـــــــــ.
 
كتبه: أبو الوليد خالد جامع جيلى الجبرتى
                                                          لاسعانود-الصومال
                                                          22-شوال-1438 الموافق 16-يونيو-2017
 
 




0 التعليقات:

Post a Comment